مشاهدة تغذيات RSS

حنبعل

جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت

تقييم هذا المقال
إذا كان لكل عصر سمات ثقافية وحضارية تجعل منه ما هو عليه، فإن أهم ما يميز عصرنا الذي نعيش فيه هو أنه عصر المعلومات وفائض الصورة. فالصورة اليوم أو الرسالة البصرية عموما ليست مجرد زخرف إنما هي وسيلة إدراكية لا يمكن للمرء أن يدرك واقعه بمعزل عنها أو أن يعبر عن مكنون نفسه إلا بها ومن خلالها إنها المكون الجوهري في تشكيل الوعي الحديث داخل حضارة تقوم على تدجيج الذاكرة البشرية بكمية هائلة من المشاهد جعلت الثقة تشتد بينها والمتلقي إلى درجة التوريط أو خلق حيز من البداهة التي تقترن باليقين ،حيث كان يقال قديما : هذا صحيح فقد قرأت عنه بينما اليوم نؤكد صحة الحدث بإشارتنا إلى مشاهدته. إن الصورة اليوم تجعلنا حاضرين دائما وتشكل منا شهودًا، مما يخلق من الإنسان الحديث كائنا “بصريا” ينهل من الصورة وهي التي تشكله بما تحمله في أبعادها ورموزها الإيديولوجية والتوجيهية المتخفية اقتصاديا أو سياسيا أو حتى أخلاقيا. وقد تعتبر مجتمعات العالم الثالث كمجتمعات مشاركة سلبا في العولمة الأكثر تضررا من ذلك الغزو البصري والثقافي من ورائه باعتبارها المجتمعات المستوعبة سلبا لعدم قدرتها على إنتاج خطابها الخاص لعدة أسباب -لا يسمح المجال بذكرها – مما يجعلها تتشكل بطرق عشوائية حتى على مستوى الذائقة الفنية لأفرادها بل قد تنتفي صفة المجتمع عنها إلى كونها مجموعة أفراد فقدت في ما بينها العمق الذي كان يحمي تشتتها لوفرة الوافد وتعدده، فتتعدد أخلاقياتها وتتداخل طموحاتها وتتشتت أفكارها وقد تصل إلى درجة “الانتحار الروحي” كما عبر عن ذلك “أبو يعرب المرزوقي”( ) في مقاله “كيف نواجه العولمة المافوية”، ( ). وهو عملية القصف كلي لكل مكونات الشخصية الوطنية أو الهوية القومية من خلال الخطابات الإيديولوجية الوافدة المتخفية في الرسائل البصرية كعملية قفز وهمية ترمي إلى سحق المسافة بين عالمين ، ولأن المجتمع العربي من أهم ركائز خيمة الدول المتخلفة ومن أهم المانحين للتاريخ الإنساني في آن فإن جموحه المطرد في المشاركة في إنتاج خطابه البصري وتسرّعه أنتج تقليدا ضريرا للكائن من الرسائل البصرية الغربية ليقع في تقاطع بين التركيز على البصر على حساب البصيرة لتحضر العين وتغيب المسافة النقدية التي تهذب المشهد، والعقل الناقد الذي يؤسس للمستقبل فيقع تشويه الرسائل البصرية المنتجة محليا، وقد تلعب أحيانا ضد أهدافها حين تتحول الحملات الإشهارية إلى تشهيرية بالسلع والدعائية إلى عدائية والتحسيسية قد نجدها تخسيسية أحيانا. وقد وقعت هذه المجتمعات مرارًا من خلال رغبتها في تجاوز عقده ثقافة بلا صورة للوقوع في صورة باردة بلا ثقافة وهو ما قد نلمسه نصيا في أكثر الرسائل البصرية المنتجة عربيا والتي تقوم أساسا على سياسات ترقيعية من ترقيع للصورة بالخطاب “النص”

أرسل "جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت" إلى Digg أرسل "جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت" إلى del.icio.us أرسل "جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت" إلى StumbleUpon أرسل "جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت" إلى Google أرسل "جزء من بحث بعنوان "الحملة التحسيسية في ت" إلى Facebook

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية غير مسجل
    ااريد المشاركة في المنتدى
إضافة تعليق إضافة تعليق

Trackbacks


معلومات

أقسام الموقع

الدعم الفني

مواقع مهمة

DragonByte SEO - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte® Technologies Ltd. (Details)




جميع الحقوق محفوظة
لموقع التربية الفنية
A R T 4 E D U .com
(2001 - 2012)